تلعب المدونات دوراً مهماً في التسويق الإلكتروني ؛ فهي تدعم النشاط التجاري وزيادة المبيعات وجذب العملاء المحتملين، بل وتحويلهم إلى عملاء حقيقيين، ثم بناء علاقات طويلة الأمد معهم، ولكنها تحتاج إلى ما يسمى بـ دراسة المستخدم لكي تؤدي دورها هذا على أكمل وجه! وأنت، لقد أنشأت أخيراً مدونتك الخاصة بنشاطك التجاري حينما نصحك أحد من تثق بهم بإنشائها ثم وظّفت محرراً لنشر محتوى منتظم كما أشاروا عليك وأخيراً نصحوك بتقنين المحتوى حسب قواعد SEO لضمان تدفق الزوار على مدونتك، فعيّنت متخصصا محترفاً في تحسين محركات البحث.
الآن أصبح لديك آلاف من الزوار لمدونتك، إلا أن نشاطك التجاري لم يزل في مكانه لا عملاء جدد، لا مبيعات، ولا أرباح إضافية، الأرقام لديك ثابتة، لا تصعد بمعنى أنك لا تزال تواجه مشكلة حقيقية، فلم تجن نتائج ملموسة، برغم أنك أنفقت الكثير من الوقت والمال! وتتساءل: كيف يمكنني حل هذه المشكلة؟ الحل يا عزيزي كما أشرنا سابقاً، ليس بزيادة المحتوى، ولا بزيادة ضبط الـ SEO، وإنما شيءٌ يسمى: دراسة المستخدم
نموذج شخصية المشتري أو الشخصية الشرائية – buyer persona هو تمثيل شبه خيالي للعميل المثالي الذي يستهدفه منتجك، طبقاً لأبحاث السوق والبيانات الحقيقية للعملاء الحاليين، ويبنى على أساس الرؤى والتحليلات التي تقدمها البيانات الديموغرافية، السلوك الشرائي، الميول، ودوافع وأهداف الشراء، لدى العملاء.
أما دراسة المستخدم فتركز على احتياجات المستخدم، سلوكياته، دوافعه والتحديات التي تواجهه، والتي تتوصل إليها من خلال تقنيات التحليل والملاحظة المختلفة، وغيرها من الوسائل التي تقدم تغذية راجعة عن متطلبات المستخدم وأهدافه وميوله. بمعنى أن أبحاث المستخدم، أو دراسة المستخدم تبنى على مراقبة نشاط المشتري المثالي وتفاعله مع المحتوى الذي تقدمه، وتلك المَهمّة تتطلب بحثاً أشدّ دقة في الفئة المستهدفة؛ لتفهم جمهورك أكثر، وتختار العميل الأنسب.
حين تجري دراسة المستخدم الملائمة، فسوف تتوقف عن تقديم محتوى دوري لأجل تحديث مدونتك بانتظام وحسب، بينما ينصب تركيزك على صناعة المحتوى الذي يعزز نشاطك التجاري من خلال تطويعه ليناسب احتياجات المشتري/ العميل المثالي لك. فمن خلال إعداد دراسة مستخدم ملائمة ستحقق ما يلي على التوالي:
قبل الخوض في التفاصيل، أود أن أنبه إلى أن دراسة المستخدم تعدّ نشاطاً دورياً مستمراً يرافق العملية التسويقية على المدى الطويل. ففي حين أنك لن تضطر لإعداد نموذج شخصية المشتري أو الشخصية الشرائية – buyer persona المثالي سوى مرة واحدة، إلا أنه يستحيل أن تحصل على نتائج مُرضية إذا قدمت المحتوى بناءً على بيانات دراسة المستخدم القديمة، فالقراء لديهم دوماً مشكلات متجددة يبحثون عن حلول مناسبة لها، وتعتريهم آلام مختلفة تحتاج إلى علاج، وهنا ستجد أنك تتميز عن منافسيك بمداومة إجراء دراسة المستخدم، والبقاء في صورة آخر الإحصائيات والمستجدات بشأن الأنشطة التفاعلية والميول القرائية لجمهورك. ويمكنك إجراء دراسة المستخدم بإحدى ثلاث طرائق، سنشرحها بالتفصيل فيما يلي:
سوف تظل استطلاعات الرأي وسيلة ممتازة لجمع البيانات عن سلوكيات جمهورك والتحديات التي تواجههم، ويمكنك استخدام أداة مثل SurveyMonkey لطرح سؤالك على القارئ بمجرد وصوله إلى نهاية كل مقال تنشره،
سؤالان مباشران وبسيطان جداً في الحقيقة، لكنهما مؤثران وفاعلان لأبعد مدى يمكن تخيله؛ لأنك تلقيهما بطريقة ودّية جداً، فيبدو الحوار ودياً وليس كاختبار أو استطلاع، ولذلك فإنك من خلالهما ستحصل على الكثير جدا من الإجابات المفيدة وتجمع بيانات قيّمة، ستمثل مؤشرات دقيقة لتقييم المحتوى وتقويمه. فإجابات السؤال الأول تعطيك فكرة عامة عن قنوات نشر المحتوى التي يتفاعل جمهورك من خلالها، بينما إجابات السؤال الثاني تجنبك الكثير من الحيرة والتشتت اللذان تتعرض لهما بينما تبحث عن أفكار ترجح نجاحها الباهر مع جمهورك حال تغطيتها أو الكتابة عنها.
فإن هذه الطريقة أثبتت نجاحاً مع الكتب الإلكترونية والمستندات الرسمية أو ما يسمى بـ White paper – الكتيبات التي تحوي معلومات، ويعدّ موقع Semrush.com مثالا حياً على استخدام هذا التكنيك المتميز في استطلاع آراء القراء وتوجهاتهم، ويمكنك التأكد من ذلك بنفسك، حمّل أحد الكتب الإلكترونية المعروضة في الموقع، وألق نظرة على الصفحة الأخيرة منه وستتأكد من استخدام هذا التكنيك بشكل فعال جداً.
وهذه طريقة أخرى ممتازة للوصول إلى جمهورك، بفرز أكثرهم تفاعلا مع منشوراتك في حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بنشاطك التجاري، وإرسال رسائل خاصة إليهم، كن دوماً على تواصل ذكي بهم وبمشاعرهم، قدّر احتياجهم الفطري لنيل مكافأة على إخلاصهم لك، صدقهم معك، والوقت الذي صرفوه لمتابعتك. لذلك، تواصل معهم واشرح لهم أسباب اهتمامك بهم، ولماذا تحتاج إلى تعاونهم وكيف سيعود ذلك على كليكما بالنفع. أخبرهم بأنهم أبطال نشاطك ذلك كله، وأنك تكتب المحتوى الذي يقرؤونه بناءً على ما يفكرون به، وتأخذ في عين اعتبارك احتياجاتهم والتحديات التي تواجههم، لذلك فإنك لن تستطيع أداء مهمتك بدون فهم ما يفكرون به ويريدونه أولاً، ودراسة الصعوبات والمعيقات التي يتعرضون لها. أما إذا كنت لا تزال تكافح من أجل زيادة عدد الزوار وجذب انتباه المستخدمين إليك وإلى نشاطك التجاري، فأقترح عليك تقديم هدية أو مكافأة لهم، ككتاب إلكتروني من اختيارهم، أو قسيمة تسوق من Amazon على سبيل المثال.
لقد وجدت – على المستوى الشخصي – جمهوري يحب التحدث معي بشكل شخصي، ولذلك وكمكافأة مني، خصصت 10 إلى 15 دقيقة لاستكشاف الجمهور بعد الانتهاء من طرح أسئلتي الخاصة خلال المكالمة، بدعوتهم لتوجيه أسئلتهم إليّ مباشرة عما يثير اهتمامهم أو حيرتهم ويريدون مناقشتي فيه، وتلك بالتأكيد طريقة عظيمة جداً لكسب ثقتهم وإضافة قيمة على المحتوى الذي أقدمه.
أخيراً وليس آخراً، تابع تحليلات البحث لديك، فكل زائر بالطبع قد استخدم كلمة مفتاحية للبحث عنك والوصول إليك / أو إلى معلومة لديك عبر محركات البحث، ولكن كل زائر لديه احتياجات مختلفة عن الباقين. يمكنك استخدام تحليلات جوجل / Google Analytics بتركيبها على مدونتك/ موقعك الخاص بنشاطك التجاري، وستحصل من خلالها على إحصاءات دورية قيّمة.
المستخدم الذي يبحث عن كيفية إنشاء استراتيجية تسويقية، يختلف بحثه تماماً عن آخر يبحث عن كيفية الاحتفاظ بالعملاء، مع أن كلا المستخدمين قد يكون مُشتغلا في التسويق، إلا أن هناك اختلافاً في المستوى فالأول يبدو مبتدئاً بينما تجد الثاني أكثر احترافا.
بعد أن بات لديك إلمام بفوائد دراسة المستخدم، وقد تعرفت من خلال المقال على ثلاث طرائق لإجرائه، وبالرغم من هذا كله، فإن الأمر بيدك وحدك، أنت من تقرر كيفية توظيف المعلومات التي توفرها دراسة المستخدم من جمهورك. داوم على قياس نتائجك باستمرار، حتى تكمل دائرة التغذية الراجعة وردود الأفعال، وتوظفها في جولتك القادمة لتعديل استراتيجيتك. أخبرني… إن كانت لديك طرائق أخرى تجري بها دراسة المستخدم غير تلك التي ذكرتها في المقال؟ يسعدني أن أسمع منك.
ترجمته/ سماح ضيف الله المزين
جرافيك/ محمد شمالي
مصادر/ مترجم عن المقال في الرابط التالي: https://www.entrepreneur.com/article/315088